للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإشارة الأولى - أنه عبر بالجملة الاسمية.

الإشارة الثانية - أنه جعله كراكب صراط الاستقامة الجالس عليه؛ ولذا عبر بـ (على) الدالة على التمكن من صراط الاستقامة.

الإشارة الثالثة - أنه عبر بالصراط، وهو في ذاته مستقيم، إذ إنه الخط المستقيم، ووصفه مع ذلك بالاستقامة فكان هذا تأكيدا لفظيا لمعنى الاستقامة في النفس والخلق والعمل.

وإن الأقوال التي ذكرناها في المثل الأول تقال هنا، فأكثر المفسرين على أنه سبحانه ضرب حال عبادة المشركين، بحال من يسوي بين رجلين بينهما تمام التباين، فيسوي بين اللَّه تعالى والأحجار، كمن يسوي بين رجل ناقص الإنسانية ورجل آخر كاملها.

وإن كلام ابن عباس ينطبق هنا أيضا، فيكون نفيا للتساوي بين الكافر المشرك، والمؤمن الموحد.

وما بدر إلينا من أنه بيان لاختلاف القوى والأحوال، وتوافر أسباب الرزق وعدم توافرها، وقدر الله سبحانه وتعالى، وأنه يرزق هذا ويحرم هذا، لعدم السير أو عجزه عن السير في أسباب الثروة، وأن الوجود الإنساني يشتمل على هذه الحقيقة، وأن الناس فيهم الغني والفقير ومن يقول إنه يعمل على إذابة الفوارق بين الغنى والفقر جاهل مغرور، وإن فرض ذلك بالقوة كان ظالما غشوما، وسلب الحقوق ممن ينتجون الحلال، وترك الباب مفتوحا، ليغني طائفة أخرى بالحرام الذي لا ينتج شيئا.

وإنه من بعد ضرب الأمثال، ومنها يتبين أن اللَّه سبحانه وتعالى يدير العالم بحكمته، وأنه وحده القادر على كل شيء وأن الحساب يجيء لَا محالة، ولذا قال تعالى:

(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>