للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وباللام الموطئة للقسم، وبنون التوكيد الثقيلة، وما الحياة الطيبة التي وعد اللَّه بها عباده المؤمنين الذين يعملون العمل الطيب بقلوب قاصدة الخير والصلاح، والصلاح غايتها ومبتغاها؛ الحياة الطيبة هي أن يكون رزقها حلالا، وأن يجملها اللَّه تعالى بالرضا بكل ما يأتي به، والقناعة في حال العسر، والرزق الحلال، أو طلب الحلال في اليسر، والصبر في الضراء والشكر في السراء، وبرد اليقين وذكر اللَّه تعالى دائما، في حال البأساء والضراء وحمال الباس (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، وفي الجملة الحياة الطيبة هي الحياة الراضية القانعة الشاكرة الصابرة ولا يكون ذلك إلا لمؤمن، وإن هذه الحياة الطيبة جزاء عاجل للإيمان والصالح من الذكور والإناث فلا سعادة خير من سعادة الرضا بالعمل الصالح، واطمئنان القلب بذكر الله والتوكل عليه في الشديدة والكريهة بعد أخذ الأسباب والاتجاه إلى اللَّه، أما الجزاء الآجل المؤكد الذي لَا مرية فيه، فهو في الآخرة، وقد قال تعالى فيه: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ)، ولم يذكر في الحياة الطيبة أنها أجر، بل ذكرها على أنها ملازمة للعمل الصالح الصادر من قلب سليم، فهي ثمرة للصالح كثمرة الشجرة، وكإنتاج الزرع وحيثما وجد العمل الصالح كانت الحياة الطيبة ولو كانت جهادًا مستمرا، ومع ذلك له أجر هو ثواب الآخرة يجزيهم اللَّه تعالى بأحسن ما يعملون، وقد ذكر أنه سبحانه يجازي (بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فجعل سبحانه وتعالى عملهم الصالح أو أحسنه هو الجزاء، لأنه يماثله أو يساويه كأنه هو، وهو سبحانه وتعالى مانح النعم ومجريها، وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد صالح الأعمال والأقوال وهو أعلاها، قراءة القرآن وذكره فقال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>