للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ).

أي صير السبت مانعا لهم من مزاولة شئون الحياة للذين اختلفوا فيه، أي لليهود الذين اختلفوا فيه، والاختلاف أمارة أن فيهم من لم يذعنوا للحق ويؤمنوا، فإنه حيث كان الاختلاف كان الذين يلوون ألسنتهم بالقول من غير إذعان للحق والإيمان، فإن الإيمان يجعل النفوس تقر وتطمئن ولا تنازع ولا تلاحى.

منعوا من الصيد في يوم السبت، وابتلاهم اللَّه بكثرة السمك فيه، فيوم يسبتون يأتيهم الصيد، ويوم لَا يسبتون لَا يأتيهم، كما قال تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣)، فمن صبر على البلاء وهم قليلون، كما قال اللَّه تعالى فيهم: (. . . مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ منْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ)، وكثيرون تمردوا واختلفوا في تمردهم فمنهم من أعمل الحيلة وفتح قنوات يأوي إليها السمك في يوم سبتهم ليأخذوها يوم لَا يسبتون، ومنهم من تمرد كليا، ولم يطع من غير محاولة التحايل. هذا انخلافهم قى يوم السبت بين صابر لابتلاء اللَّه، ومتمرد عليه، ومتحايل كأنما يخدع اللَّه، وهو معقول في ذاته ومتفق مع طبائع اليهود المادية الذين يأخذون الأحكام بظاهر من القول والعمل، ويكفرون بالحق في لبابه وصميمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>