للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي بينهما والله سبحانه وتعالى هو مبين مناسك الحج بالقرآن والسنة النبوية المبينة للقرآن.

(وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) التطوع المبالغة في الطاعة فيما أمر الله تعالى به من فرض وواجب ومندوب، فهي المبالغة في أصل الطاعة، وإطلاقها على النفل غير المفروض والمندوبات ونحو ذلك هو من قبيل الاصطلاح الفقهي باعتبار أن النوافل والمندوبات مكملات للفرائض التي هي أصل الطاعات، و (خيرا) وصف لمصدر محذوف وهو مفعول مطلق، والوصف يقوم فيه أحيانا مقام المصدر كما في ْقوله تعالى: (وَاذْكرُوا اللَّهَ كَثِيرًا. . .).

والخير كل ما يكون فيه نفع للناس، وأداء لما أمر الله، وقيام بالواجبات الاجتماعية والإنسانية والدينية، ووصف طاعات الله أو المبالغة في الأداء بأنها خير؛ لأنها في ذاتها خير، ولا يكون ما يأمر الله تعالى به إلا خيرا خالصا، ونافعا خالصا، فكل أمر من الله تعالى فهو خير نافع لَا ينفع سواه.

(وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا) فعل شرط جزاؤه قوله تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) وهذه الجملة السامية هي دالة على الجزاء، متضمنة له؛ لأن تقدير الجواب فله أجر يكافئ ما فعل؛ لأن الله شاكر عليم، أي مُجازٍ جزاء حسنا على ما فعل؛ لأن الله شاكر، والتعبير بالشكر في هذا، وهو أعظم من أن يشكر عبدًا له فالكل منه وإليه، وقد وصف نفسه بأنه غفور شكور، فكيف يشكر المنعم من أنعم عليه؟! وكل ما يقدم العبد من طاعات هو شكر للمنعم جل جلاله، وشكر المنعم واجب بالعقل والنقل، فكيف يكون الله شاكرًا لأنعمه؛ ولكن عبر بذلك، تكميلا لنعمه وتفضله أولا، كما يشكر من يقوم بالواجب تفضلا، ولتحريض العبد على كمال الطاعة ثانيا، ولتعليم العبد شكر النعم ثالثا، ولإثبات رضوان الله تعالى رضوانا كاملا، فإن الشكر زيادة في الرضوان، والرضوان الجزاء.

وقد وصف الله سبحانه وتعالى نفسه مع الشكر الدال على الرضا بقوله: " عليم " أي وصف نفسه بالعلم؛ للدلالة على أنه عالم بمن يقوم بالطاعات فيجازيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>