للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه لَا مفاضلة بين علم اللَّه تعالى وعلم غيره، والمراد كما أشرنا يعلم علما لا يسامى ولا يناهد.

وإن مع علمه المحيط بحالهم يعمل بمشيئته المطلقة، (إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) ورحمته سبحانه وتعالى بأن يهديكم إلى السير في طريق الإيمان، وإذا سرتم فيه رحمكم بالإيمان، وهو أكبر رحمة للإنسانية، (أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ)، بأن تسيروا في طريق الضلالة فتصلوا فيه إلى غايته، فيكون منكم الضلال والشرك، فيكون ذلك الضلال عذابا لكم في الدنيا باضطراب نفوسكم وبعدكم عن الفطرة، وفي الآخرة يكون العذاب الأليم، ألا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا يزكيهم.

ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حريصا على إيمان المشركين، حتى قال له ربه: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، ولذا قال تعالى: (وَمَا أَرْسلنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا)، أي موكولا إليك أمورهم بقسرهم على الإيمان، بل إنا أرسلناك بشيرا ونذيرا، وقد بشرت وأنذرت فما عليك بعد ذلك تبعة كفرهم وضلالهم:

(إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).

ولقد بين سبحانه بعد ذلك أن اللَّه يعلم من في السماوات ومن في الأرض، وأنه هو الذي يعلم حيث يجعل رسالته فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>