للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ).

" الواو " لوصل الكلام، إذ إنهم يتغطرسون ويطيعون الشيطان فيبين اللَّه أنهم إذ يطيعونه يذهبون بالتكريم الذي كرمهم اللَّه تعالى، وينزلون برءوسهم وأجسامهم، إلى كرامة أبيهم آدم، و " إذ " متعلقة بمحذوف، ويذكر اللَّه تعالى أمره للملائكة بالسجود مضيفا الأمر إلى ذاته العلية بيانا لمركز آدم، واللَّه تعالى بذاته العلية وجه الأمر إلى الملائكة بالسجود، وإن إبليس كان يدخل في عموم المخاطبين بهذا الأمر أكان من الملائكة أم كان من الجن، كما صرحِ بأنه من الجن في آية أخرى، إذ قال: (. . . إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ. . .)، والسجود كان لآدم بوصف الآدمية، فكأن الآدمية مكرمة لذاتها، والمهانة تعتريها من المعصية، (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ)، أي أطاعوا، وخروا ساجدين إِلَّا إِبْلِيسَ، فقد تمرد، وفسق عن أمر ربه، وقال متمردا متعاليا من غير علو، كشأن أتباعه (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ) الاستفهام هنا إنكاري بمعنى إنكار الوقوع أي النفي، أي: لَا أسجد، معترضا على ربه، كما قال سبحانه في آية أخرى: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ منْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ)، وقوله: (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)، أي لمن خلقته من طين، ولكنه أتى بكلمة (طينا) على أنه حال، أي: أأسجد لمن خلقته من طين، أي أنه ينكر أن اللَّه سوَّاه، وكأنه إلى وقت السجود كان طينا حتى إلى هذه الحال، وكان هذا من مظاهر الاستكبار.

وقد بين نية الشر الذي دفع إليه الحسد، وسبب ذلك الحسد، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>