للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣)

(اذْهَبْ) معناها هنا امض فيما أنت معتزم عليه فإن لهم اختيارا وإرادة، فلا نستمكن منهم إلا بإرادة يريدونها، ويبتغونها، ولذا قال تعالى: (فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ) والفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر، والمعنى إن ذهبت وأغريت، وحاولت السيطرة على نفوسهم فمن تبعك إلى ما تدعوه إليه: (فَإِنَّ جَهم جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُورًا) فمن يتبعك مختارا مستجيبا لإغرائك، فأنت وهم قد صرتم جمعا واحدا، جزاؤك وجزاؤهم واحد، ولذا خاطبهم جميعا باعتبار أنهم جميعا صاروا جمعا واحدا، وكان الخطاب بالجمع، لأن الخطاب له ابتداء، ولهم بالتبع، ووصفت بأنها جزاء موفور أي كامل على قدر ما أساءوا، وهي كاملة ووفاق لما أجرموا، وقد قال في وصف جزائهم في آية أخرى في قوله تعالى في سورة الحجر: (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (٤٤).

وكان الخطاب بالجمع لما ذكرنا من الخطاب لإبليس، وهم له تبع.

وقد دعاه سبحانه لأن يبذل أقصى جهده، لأن اللَّه تعالى قضى أن يهبطوا منها جميعا، بعضهم لبعض عدو، وأنه خُلِق لإغواء من يستطيع إغواءه من ذرية آدم، ولذا قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>