للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قال البيضاوي في معنى (أَعْرَضْتُمْ): اتسعتم، أي صرتم في سعة بعد ضيق واستشهد بقول ذي الرمة:

عطاء فتى يمكّن في المعالي ... فأعرض في المكارم واستطالا

وقد ذكره على أنه احتمال في المعنى، ونرى أن المعنى بعمومه يشمله.

هذا، وإن السير بالمراكب في البحار أمر شديد أو كان شديدا جدا في العصر الأول، وكان يدفع للإيمان إذا كانت النفس مدركة، ويروى أنه عند الفتح الإسلامي لمكة نفر ناس من أن يخضعوا لحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهربوا وركبوا الفلك إلى الحبشة ومنهم عكرمة بن أبي جهل، فركب البحر، فجاءتهم ريح عاصف فقال القوم بعضهم لبعض: إنه لَا يغني عنكم إلا أن تدعوا اللَّه وحده، فقال عكرمة في نفسه: واللَّه إن كان لَا ينفع في البحر غيره، اللهم لك على عهد لئن أخرجتني منه لأذهبن فلأضعن يدي في يد محمد، فلأجدنه رءوفًا رحيما، فخرجوا من البحر فرجع إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فأسلم وحسن إسلامه.

وإذا كانوا قد أعرضوا بعد أن زالت عنهم شدة البحر، فإن اللَّه يذكرهم، وهو العليم الحكيم أنه ينزل بهم الشدة في البر أيضا، إذ هم في قبضة الله تعالى فيقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>