للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني - أن الله تعالى ذكر في بيان عذابهم أن عليهم اللعنة، أي أن اللعنة تنصب على رءوسهم انصبابا وتحيط بهم من فوق رءوسهم وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، فهم بعداء عن رحمته، وعليهم غضب الله والملائكة والناس أجمعين، وإن تلك اللعنة تنالهم بسبب موتهم على الجحود والإصرار على الكفر.

وقد أثار الناس جدلا موضوعه هل تجوز لعنة الكافر وهو حيٌّ، فناس لم يجيزوها، لأنه يجوز أن يتوب الله تعالى عليه، وجواز اللعنة إنما كانت على الكفار الذين ماتوا على الكفر، ومن كان حيا ترجى توبته، أو تجوز توبته.

ومن العلماء من أجاز اللعنة على الحال التي هو عليها، وخصوصا إذا كان ممن يؤذون صاحب الدعوة، ويروى في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن عمرو بن العاص، وهو على الكفر، فيروى في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " اللهم إن عمرو بن العاص هجاني وقد علم أني لست بشاعر، فالعنه واهجه عدد ما هجاني ".

وقد اتفق أهل العلم على أن اللعن الذي ذكرته هذه الآية عقاب من الله تعالى، وغضب على الكافر، وجزاء له كجزاء جهنم.

وأكثر العلماء على أن لعن المسلم لَا يجوز ولو كان عاصيا، لأنه يخزيه ويذله، وخزيانه وذله يقربه من الشيطان ويجعل للشيطان مدخلا في نفسه، يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أُتي بشارب خمر مرارا، فقال بعض من حضره: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به، فقال الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: " لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم " (١).

وقد بين سبحانه أنهم خالدون في عذابهم، فقال تعالت كلماته:


(١) [أخرجه البخاري: كتاب الحدود - باب ما يكره من لعن شارب الخمر (٦٢٨٣)، كما أخرجه أبو داود (٣٨٨٢) وأحمد (٥ ٧٦٤)].

<<  <  ج: ص:  >  >>