للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢)

هذا هو التحدي الثالث المخير فيه (أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ) والمراد الكسف، وهي بدل بعض من كل من السماء، والكسف جمع كسفة وهي القطعة من السماء التي تنزل فتلقي الرعب، وقد تكون نارا تلهب وتفزع، وعبر بالسماء ثم البدل منها للإشارة إلى أن نزول القطع تساوى من حيث الرعب والإفزاع والإنذار نزول السماء كلها، وقوله: (كَمَا زَعَمْتَ) من أن السماء تنشق وتنفطر يوم البعث في مثل قوله تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣)، وكما زعمت من أنه فيه نزل ذلك بنا، كما في قوله تعالى: (. . . إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِم الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ. . .).

(أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا) وهو اسم جنس جمعي لقبيلة، أي تأتي بهم قبيلة قبيلة ليشهدوا بصدق نبوته ويتضافرون على الحكم بصدقها.

وهذا الطلب فيه تحَدٍّ للرسول - صلى الله عليه وسلم - من ناحيتين:

الناحية الأول: أن قوله: (. . . إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ. . .) فيه إنذار فهم يتحدون بأن يكون ذلك الإنذار.

الناحية الثانية: أنهم يتحدون النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ينزل عليهم الملائكة قبيلا يشهدون بالصحة وهم يعلمون أن الملائكة لَا ينزلون أفواجا بهذا الشكل، وهذان مطلبان وإن كانا في آية واحدة.

ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيرا يتيما، فطلبوا منه للمرة الخامسة واحدا من أمرين كما في المطلب الرابع: أولهما: أن يكون له بيت من زخرف أو يرقى إلى السماء عارجا، وأن يرسل كتابا يقرءونه، وهذا ما عبر اللَّه سبحانه عنه بقوله تعالى:

(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>