للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال لهم الرسول صلوات اللَّه وسلامه عليه إنما جئتكم من اللَّه تعالى بما بعثني به، وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر اللَّه حتى يحكم بيني وبينكم.

قالوا: سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك، واسأله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي، فإنك تَقْدُم الأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم.

قال لهم الرسول صلوات اللَّه تعالى وسلامه عليه: ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت بهذا إليكم ولكن اللَّه بعثني بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا منى ما جئت به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليَّ أصبر لأمر اللَّه حتى يحكم اللَّه بيني وبينكم.

قالوا: فأسقط علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل.

قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ذلك إلى اللَّه عز وجل إن شاء أن يفعله بكم فعل.

قالوا: يا محمد فما علم ربك أننا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه، ونطلب منك ما نطلب فيقدم إليك فيعلمك بما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك.

وقال قائل منهم: لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا.

وقد انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - وانفض جمعهم ولكن تبعه بعضهم وهو عبد اللَّه بن المغيرة ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب ولم يكن قد أسلم، فقال كلاما ختمه بقوله: فواللَّه لَا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلَّما ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتي ثم تأتي معك بصكٍّ معك يصحبك معه أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، وأيم اللَّه لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك (١).


(١) البداية والنهاية: فصل في مبالغتهم في الأذية لآحاد المسلمين المستضعفين - ج ٣/ ١٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>