للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصوت يشبه الخوار (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خوَارٌ. . .)، ولتأثرهم بعبادة العجل التي كان المصريون يمارسونها قالوا: (. . . هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسى. . .)، ولكنِ إذا كان له صوت خوار فليس بحي، ولا فيه حياة (أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (٨٩).

فعلوا ذلك في غيبة موسى عليه السلام، وأخذ هارون يرشدهم ويقول: (. . . يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠).

ولكنهم أصروا على عبادته وقالوا: (. . . لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى). جاء موسى فوجَّه اللوم إلى أخيه هارون عليهما السلام، ولكن اعتذر نبي الله هارون بأنه خشي أن تكون فرقة بين بني إسرائيلِ، وقال: (. . . يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤)، وعلى أي حال فهارون عليه السلام لم يشاركم في عبادة العجل، كما قالت التوراة المحرفة غير الصادقة، وكان هذا من أعظم الأدلة على تحريفها، بعد أن عاتب أخاه وحسبه مقصرا اتجه إلى السامري الذي أضلهم فقال: (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بمَا لَمْ يبْصُرُوا بِهِ. . .) من الصناعة، صناعة التماثيل، (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ)، أي من تعاليمه ودعوته إلى التوحيد (. . . فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (٩٧)، كان هذا دليلا عمليا على أن ذلك الصنم لا يملك من أمره شيئا، ولذلك قرر ألوهية الله وحده. (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (٩٨).

هذه أطراف من قصة موسى عليه السلام، وقال تعالى في ذلك: (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (٩٩).

وبين سبحانه عاقبة من أعرض عن ذكرِ الله تعالى، وأشار سبحانه إلى يوم القيامة (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا)، مبينا سبحانه حال الناس يوم القيامة وحال الأرض، وما فيها (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>