للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (٢٢) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (٢٣)

" الجناح " هنا الجانب، وهو تشبيه جانبي الإنسان بجناح الطير لأنهما محسوسان في جانبيه، وسمي جناحي الطائر بذلك لأنهما يطويان عند الطير، ويميلان على جنبيه، والجناح الميل، وضم اليدين إلى الجانبين معناه وضع اليدين تحت الإبطين، وقوله تعالى:. (تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) والفعل مجزوم على جواب الأمر، وهما لَا يخرجان من تلقاء أنفسهما، بل يخرجهما موسى بإرادة الله تعالى، فليس الضم سبب الخروج، ولكنه شرطه. والسوء ما يسوء الإنسان عند النظر إليه، ولذا أطلق على العورة السوءة، قال الله تعالى عندما أكل آدم وحواء من الشجرة: (. . . فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ. . .).

وقالوا: كنى بهذا عن البرص، أي تخرج اليدان بيضاوان من غير ذلك المرض الذي يسوء النظر إليه، ويقول الزمخشري في ذلك: إن قوله تعالى: (مِنْ غَيْرِ سوء) كناية عن البَرَص، كما كنى عن العورة بالسوءة، والبرص أبغض شيء إلى العرب، وبهم عنه نفرة عظيمة، وأسماعهم لاسمه مَجَّاجة، فكان جديرا بأن يكنى عنه، ولا نرى أحسن ولا ألطف، ولا أحرى للمفاصل من كناية القرآن وآدابه.

وإن ذلك كلام قيم في ذاته، ولكن ذكر البرص في القرآن الكريم، فلقد ذكر سبحانه وتعالى في معجزات عيسى فقال تعالى: (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ)، ولقد قال تعالى: (تَخْرجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) لتبين أن البياض

<<  <  ج: ص:  >  >>