للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كريما على الناس، وثانيها: أن الناس بتوفيق الله وتوجيهه أحبوه، فكان محببا منهم إذ زرع في قلوبهم محبته، وثالثها: أن الله تعالى فتح له القلوب المغلقة، ففتح له قلب فرعون المغلق، وفتح له قلب امرأته، فقالت: (. . . قُرَّتُ عَيْنٍ لي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا. . .)، وكما قال تعالى: (فَالْتَقَطَهُ آل فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا. . .)، أي في المآل لَا وقت الالتقاط، إذ إنهم في وقت الالتقاط التقطوه ليكون قرة عين لفرعون وامرأته: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (لِتُصْنَعَ) أي تتربى تحت رقابتي وملاحظتي فلا تقهر، ولا تذل بل تكون عزيزا كريما، ولتضمن التربية أن تكون تحت رقابة الله تعالى تعدت بـ " على "؛ لأن معنى هذه التعدية أن الله وقد مكن فرعون من تربيته والقيام على شئونه أشار سبحانه إلى أنه على رقابة له.

وإن في الكلام استعارة تمثيلية، إذ شبه سبحانه وتعالى حال الرقابة على تربيته وصيانته بحال من يصنع شيئا على مرآه ونظره، وبعض المفسرين قال: إن " على " هنا بمعنى " الباء "، والله أعلم.

وقوله تعالى: (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)، " الواو " عاطفة على فعل محذوف تقديره لتنعم بمحبة الله والناس، ولتصنع على عين الله تعالى، وتحت رقابته ومحبته ورعايته سبحانه وتعالى. والمظهر الثالث لمنته الأخرى هو عودته إلى أمه ليتربى في حضانتها رحمة به وبها؛ لأن أمه ما طابت نفسها بفراقه إلا لنجاته، ولأنها تريده لنفسها، كما تريد كل أم رءوم مُحبة، فرتب الله تعالى لها أن يعود إليها محفوظا مصونا فحرم الله تعالى عليه المراضع، وقد احتار من في بيت فرعون في أمره، وقد صار ملء قلوبهم جميعهم، ولكن الله تعَالى أرسل إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>