للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأمر الثاني: لماذا اختص الله سبحانه وتعالى فرعون بالذكر ولم يذكر قومه إلا تابعين، ففي قصة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر المشركون ويشار إلى زعمائهم، أما هنا فيذكر فرعون بالأصالة، وربما يذكر قومه بالإشارة، عندما يكون رجز يعم ولا يخص؟ والجواب عن ذلك أن قريشا كانوا أحرارا في تفكيرهم ولو باطلا، فلم يكن فيهم ملك أو طاغية يفرض رأيه ويقول لهم (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى)، وأما أهل مصر فقد رضوا أن تندغم إرادتهم في إرادته حتى ساغ له أن يقول: أنا مصر ومصر أنا وتلك خاصته فيهم، وقد رأينا بعضها الآن في عهد طاغية مضى:

عندما قدم موسى أول آية ومعها الحجج الذي أفحمت فرعون، ونقول أرهبت الجبار عندما ذكر له أن العذاب على من كذب وتولى، وذكر آيته الباهرة في الخلق والتكوين، وخص بالذكر ما يتعلق بالزراعة والنيل، عندئذ تقرر أنه إذا كانت فكرة الإيمان قد راودته، ففكرة السلطان قد عاودته، ولا يتخلى ملك ولو كان غير فرعون عن سلطانه طوعا واختيارا فلابد من مقاومته، وقد خشي أن يتسرب الفكر من المؤمن إلى قومه فجاء المصريين من ناحية ما يحرصون عليه، وهو حرصهم على سلامة أرضهم، وأن يكون الحاكم فيهم منهم، ولو كان فرعون، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>