للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا يقتل مسلم بكافر " (١) ولعدم التكافؤ بين دم في أصله مباح، ودم في أصله حرام.

قال أبو حنيفة والثوري: يقتل المسلم بالكافر إذا قتله عمدًا بمحدّد؛ وذلك لأننا أخذنا عليهم العهد بأن يكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ولأننا أعطيناهم العهد بحقن دمائهم ولو لم يقتص لهم لكان في ذلك إخلال بالعهد، ولأنهم وقد عقدوا الذمة معنا صار دمهم حراما كدمنا، ولأننا إذا وجد من يسرق الذمي قطعنا يده، ومؤدى ذلك أن ماله غير مباح فبالأولى دمه.

ثانيا: إذا قتل الحر العبد أيقتص منه؟ قال جمهور الفقهاء: لَا يقتص لأنهما ليسا سواء فالعبد مملوك والحر مالك ولأنه لَا ند، والعبد شيء يقوم بقيمته فإذا قتل به الحر وهو ليس بمال لَا يكون عدلا، لأن الإنسان لَا يقتل في نظير مال.

ولكن قال الإمام أحمد ونُفاة القياس والثوري وبعض الكوفيين: إن الحر يقتل بالعبد إذا قتله؛ لأنه نفس والإسلام جعل أساس القصاص المساواة في النفوس، وقال عليه الصلاة والسلام: " النفس بالنفس " وهؤلاء الذين قالوا إن الحر يقتل بالعبد قالوا: إن المالك يقتل إن قتل عبده، لما ذكرنا، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه النسائي وأبو داود: " من قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه، ومن أخصاه خصيناه " (٢) وقد أخذ به البخاري وارتأى ما اشتمل عليه الخبر صحيحا، فكان تصحيحا ضمنيا له (٣).


(١) أخرجه البخاري: كتاب العلم (١٠٨)، والترمذي: الديات (١٣٣٢)، والنسائي: القسامة (٤٦٥٣)، وابن ماجه: الديات (٣٦٤٨)، وأحمد: مسند العشرة (٥٦٥)، والدارمي (٢٢٥٠) من حديث على - رضي الله عنه.
(٢) رواه النسائي بهذا اللفظ: كتاب القسامة (٤٦٥٥) وأبو داود. كما رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه والدارمي من غير " ومن أخصاه خصيناه " كلهم عن سمرة بن جندب. قال الحاكم في المستدرك ج ١ ص ٤٠٨) (٨١٦٣): هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، وله شاهد من حديث أبي هريرة.
(٣) قال البخاري: قال علي بن المديني: سماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بحديثه: " مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ " وأكثر أهل العلم على أنه لَا يقتل السيد بعبده. [راجع نيل الأوطار للشوكاني: الدماء - ج ٧ ص ٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>