للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (٣٢)

أي خلقنا السماء خلقا، وجعلناها محفوظة من أن تنتثر نجومها، إذ تبدو متفرقة غير متماسكة، وهي متماسكة مترابطة بجاذبية كأنها أرسان (١) تربطها بعضها ببعض، فلا ينفصل نجم عن مدار بالنسبة لنجم آخر، وهذا كقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا. . .)، وإمساكهما أن يكون كل منهما في مكانه، ولقد قال تعالى: (ويُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)، وإنها لمحفوظة من كل شيطان، كما قال تعالى: (وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَان رَّجِيم)، وحفظها سبحانه بأبراجها، وبعلوها، وكما قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بغَيْرِ عَمَد تَرَوْنَهَا. . .)، وكما قال تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ)، وهي زينة الوجود جديرة بأن تحفظ، وجعلها الله تعالى محفوظة. كما قال تعالى: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوج).

(وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) وفي السماء آيات متكاثرة، فالبروج والنجوم المتلألئة، والكواكب السيارة، وكل منها مسخر بأمره، فالشمس وما تكون بها من حرارة ودفء وضياء وأشعة تنبت الزرع وتنمِّيه، وما يكون في دورة الشمس من فصول السنة من صيف وشتاء وما فيها، والقمر من آيات يعرف بها الحساب، وكما قال الله تعالى: (وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)، وهذه كلها آيات تدل على الخبير، وأنه واحد أحد فرد صمد لَا إله إلا هو ولكنهم عن كل هذا معرضون.

ومن كان معرضا عن آيات السماء ذات البروج فهو في أعظم الجهل.


(١) جمع رَسَن، وهو الحبل. وقد سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>