للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رمضان، والثانية في الثالث عشرا، وقد أفطر فيهما النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ومن معه من المجاهدين.

والقسم الثاني: السفر في مباح كالتجارة، والانتقال من بلد إلى بلد للإقامة ويترك الأمر فيه إلى حال المسافر على النحو الذي ذكرناه، إن وجد المشقة شديدة أفطر وإلا صام وينطبق عليه رأينا في السفر في السكة الحديدية.

القسم الثالث: السفر للمعصية، وكثيرون من الفقهاء لَا يرون أن الرخصة تشمله لأنه عاص بسفره، والرخصة نعمة، والمعصية لَا تبرر النعمة.

وهناك عذر يبرر الإفطار من غير قضاء ولكن تكون فدية هي طعام مسكين يوما، وقد قال الله تعالى فيه: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) والإطاقة كما قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: الطاقة اسم لمقدار ما يمكن الإنسان أن يفعله بمشقة. .، فقوله تعالى: (وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَة لَنَا بِهِ. . .)، معناه ما يصعب علينا مزاولته، وليس معناه لَا تحملنا ما لَا قدرة لنا.

والمعنى على ذلك لقوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونهُ) أي يتكلفون مشقة هي أقصى الطاقة لايستطيعون المداومة عليها، وهم الشيوخ الفانون الذين تقدمت سنهم، وقد قال ابن مسعود في تفسير " يطيقونه " أي يصلون إلى أقصى المشقة، ولا أمل لهم، في قضاء وقال ابن عباس: إن قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ) نزلت في الشيخ والشيخة إذا كانا لَا يصومان إلا بمشقة. .

وقد أفطر أنس خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما طال عمره، فأفطر سنتين في آخر حياته، وكانت الجفان تقام لإطعام المساكين ثلاثين جفنة لثلاثين مسكينا على عدد أيام الصوم.

ولقد قال تعالى بعد ذلك: (فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لكُمْ إِن كُنتمْ تَعْلَمُونَ).

(فَمَن تَطَوَّعَ) الفاء هنا للإفصاح، أي إذا كان قد كتب عليكم الصوم ويسر الله تعالى عليكم بالرخص التي رخص بها فمن تطوع خيرا، أي فمن قصد الطاعة، وتكلفها قاصدا الخير فهو خير يدخره له يوم القيامة، فالتطوع هنا ليس النافلة كما

<<  <  ج: ص:  >  >>