للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنه تجب محاربة الباطل، ومقاومة الشر، ومدافعة الظلم، وإلا تحكم الفساد والطغيان، ولكان الناس تحت طاغوت مستمر، ولذا قال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا)، (لَوْلَا) حرف امتناع لوجود، أي لولا وجود الدفع بأمر اللَّه (لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ. . .)، أي دور العبادة لكن لم تهدم بيوت العبادة لوجود منع اللَّه الأخيار للأشرار، والصوامع جمع صومعة، وهي البيوت المخصصة للرهبانية، و " البيع "، وهي كنائس النصارى، و " الصلوات " وهي بيوت العبادة لليهود، قال الزجاج: هي كنائس اليهود وهي بالعبرانية صلوتا، ثم عربت فصارت صلوات.

والنص الكريم يفيد أن دفع الباطل إذا لم يكن لم يستطع أهل دين أن يقيموا عباداتهم، فتهدم صوامع الرهبان، وبيع النصارى، وصلوات اليهود وكانت تهدم هذه البيوت، ولا تقام شعائر أهل دين من الأديان السماوية قبل انتساخها، وساد الشرك وتحكم، وهذا النص السامي يفيد أمرين:

الأمر الأول - تمكين أهل كل دين من عبادتهم ببقاء أماكن العبادة لَا تهدم ولا تمس.

والأمر الثاني - منع هدم معابد أهل الذمة على ألا يحدثوا جديدا.

(وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا)، (مَسَاجِدُ) معطوف على (صَوَامِعُ)، أي لهدمت مساجد يهدمها المشركون إذا استطاعوا، ولكن يدفع اللَّه الناس بعضهم ببعض، فلا يمكنون، ووصف اللَّه تعالى المساجد بأنها (يُذْكَر فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كثِيرا)، كما قال في آية أخرى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧).

وأخيرا نقرر حكم اللَّه تعالى، وهو أن حكم اللَّه تعالى أنه إن لم يدفع الشر يتحكم، وتهدم بيوت العبادة كلها، وتهدم المساجد على العباد، واللَّه سبحانه يتولى عباده.

<<  <  ج: ص:  >  >>