للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت إجابتهم إجابة من فوجئ بأمر لم يألفه ولم يعرفه، وكذلك كانت إجابة أهل مكة للنبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا أولا - (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مثْلُكُمْ)، كذلك قال أهل مكة، قالوا: (مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ)، وقالوا ثانيا - (يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) أي يطلب الفضل عليكم بالرياسة والسلطان، كذلك قال أبو جهل أحد زعماء الشرك وأطغاهم؛ فقد قال في سبب كفره: تنازعنا وبني عبد مناف الشرف، اطعموا فأطعمنا، وسقوا فسقينا، حتى إذا تحاذينا على الركب قالوا منا نبي، فأنى يكون لنا ذلك، واللَّه لَا نؤمن به أبدًا.

وقالوا ثالثا - (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَنزَلَ مَلائِكَةً)، أي لو شاء اللَّه أن ينزل رسالة من عنده لأنزل بها ملكا يخاطبنا، كذلك طلب المشركون أن ينزل عليهم بالرسالة ملك، (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩).

وقالوا رابعا في رد دعوة نوح للتوحيد: (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ)، أي إنهم لَا يتبعون إلا ما كان عليه آباؤهم، كما قال تعالى عن مشركي مكة، (بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)، وهكذا نجد رد قوم نوح عليه السلام يشبهه تماما رد المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كانت نتيجته أن أهلك اللَّه تعالى الكافرين من قوم نوح، وكان عليهم أن يتوقعوا مثل ما نزل بقوم نوح، لولا رحمة اللَّه، عسى أن يخرج اللَّه من أصلابهم من يعبد اللَّه، بل أن يكون منهم من ينصر الحق، ويجاهد مع المجاهدين.

ولقد استمرت دعوة نوح عليه السلام إلى الحق، واستمر عنادهم، ووصفوه بأنه مجنون، وأنهم ينتظرونه حتى يفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>