للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ... (٩١) نفى اللَّه تعالى أن يكون له ولد، وادعاءهم أن اللَّه اتخذ ولدا فالنصارى قالوا: اتخذ اللَّه عيسى ولدا له، وبعض المشركين قالوا: اتخذ اللَّه تعالى الملائكة بنات له، واليهود قالوا: اتخذ اللَّه عزيرا ولدا له، وتعبيرهم بـ (اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ) يشير إلى احتياج اللَّه تعالى للولد، كما يقول النصارى اتخذ اللَّه عيسى ولدا ليُقتل ويكفِّر عن خطيئة آدم، واللَّه سبحانه وتعالى غفار للذنوب قابل للتوب، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُم الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، أي المحمود على كرمه وإفضاله دائما.

والقسم الثاني من المشركين الذين اتخذوا الأوثان آلهة من دون اللَّه أو معه، وقد نفى اللَّه سبحانه وتعالى ذلك نفيا كاملا مستغرقا، و (مِن) في قوله: (مِن وَلَدٍ)، و (مِنْ إِلَهٍ)، لاستغراق النفي، والمعنى ما اتخذ اللَّه من ولد أيَّ ولد كان، فالكل خَلْق له، ولا تفاوت أمامه، وما كان معه من إله أي إله، ومن أي مادة.

ولقد بَرْهن سبحانه، على بطلان الشرك فقال: (إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) أي إذا كان هناك آلهة غير اللَّه. فالتنوين في (إِذًا) ينبئ عن جملة أضيفت إليها (إذا)، وتكون في معنى الشرط، ولو كان هناك لترتب على ذلك أمران محالان، ولا وجود لهما، وإذا انتفيا انتفى ما أدى إليهما، فنفي اللازم يقتضي نفي الملزوم، والأمران هما:

الأول - أن يذهب كل وأحد بما خلق، وبذلك لَا يتحقق التناسق في الوجود، وكله نسق واحد، لَا تفاوت فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>