للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧).

النداء للذين آمنوا، وفي ذلك إشارة إلى ما يطلبه سبحانه من خواص أهل الإيمان، وهو من الأدب الذي يناسب إيمانكم وهو عدم التهجم على الأسر، وتكشف أستارها، وتحاشى إزعاجها، و (تستأنسوا) أي تطلبوا الأنس بأهلها وتزيلوا الوحشة التي تحدثها المفاجأة، والسين والتاء للطلب، وقالوا: إن معنى (حتَّى تَسْتَأنِسُوا)، حتى تستأذنوا، وقيل إن ثمة قراء قرءوا حتى تستأذنوا (١)، ونقول: الاستئناس أدق في التعريف وأدل على الاستعلام، لأن الاستئذان الإذن المجرد، وتتحقق الإجابة بالإذن، أما الاستئناس فطلب الأنس وإزالة الوحشة، وذلك لا يتحقق بمجرد الإذن بل لابد لتحققه من إيجاد الألفة، وهو يتضمن في تحقيق طلب الإذن، والاستجابة بالإذن فعلا.

وإن هذا يتضمن في معناه ومغزاه النهي عن التجسس والتحسس، وظن السوء، وأنه يجب أن يظن خيرا.

وإنه من تمام الاستئناس السلام، ولذا قال تعالى: (وَتسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا) ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يدخل بيتا سلَّم ثلاث مرات (٢)، ولا يكتفي بسلام واحد إعلاما لمن يدخل عليهم، واستئناسًا لهم، وإزالة لوحشة المفاجأة، والبيوت: الظاهر أنها ليس الدور، إنما هي محل البيات حيث تكون العورات مظنة أن تكون مكشوفة


(١) قراءة حتى (تستأذنوا)، ليست من القراءات المتواترة.
(٢) البخاري: الاستئذان - التسليم والاستئذان ثلاثا (٥٧٧٥)، والترمذي: الاستئذان والآداب (٢٦٤٧). عن أنس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>