للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَاللَّهُ خَلَقَ كلَّ دَابَّة مِّن مَّاء) وصدَّر الآية الكريمة بلفظ الجلالة للإشارة إلى اختصاصه بالعبادة، لأن لفظ الجلالة يتضمن معنى الألوهية، وكل ما يذكر بعد ذلك من خلقه يكون دليل ألوهيته سبحانه، فالمخلوق يدل على الخالق، وكذلك كل عبادة سامية لله جل جلاله، ودلت على الخلق يكون فيها هذا المعنى الجليل.

والدابة من دب يدب، واسم الفاعل الدابّ، وألحقت به التاء للدلالة على المبالغة، وهي تشمل الحيوان جميعا، فكل حيوان يدب على الأرض، ويسير عليها، بقدرة الله تعالى، وخلقها من الماء معناها أن الماء من الأسباب الجوهرية لحياتها بخلق الله تعالى وإرادته، والماء مصدر حياتها بإذن الله وتمكينه وجعله، لأن الماء رِيُّها، ولا يحيا الحي إلا بشربه، وغذاء الحيوان كله مما ينبت من زرع، وبغرس من أشجار فيها ثمار مختلفة، حتى الحيوانات آكلة اللحوم غذاؤها يعود إلى الماء؛ لأنها تتغذى من النبات، والحيوان كله آكلا ومأكولَا من النبات، كما قال تعالى: (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ. . .).

فالحيوان من الماء، بل الأحياء كلها من حيوان ونبات من الماء، والفرق بين الحيوان والنبات أن النبات غذاؤه من الماء مباشرة، والحيوان يرتوي من الماء، ويأخذ غذاءه من النبات الذي كان تكوينه من الماء.

وبين سبحانه وتعالى تنوع خلقه في الحيوان لبيان عدم التفرقة في الخلق بين حيوان يمشي على بطنه زاحفا وبين حيوان على رجلين سائرا، وما يمشي على أربع،

<<  <  ج: ص:  >  >>