للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعد أن بين سبحانه حال المنافقين وضعاف الإيمان بين أقوال المؤمنين وأحوالهم، فقال سبحانه وتعالى عن أولئك المؤمنين: (إِنَّمَا كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) " إنما " للحصر وتدل على القصر، و " كان " هنا تدل على الدوام والاستمرار في الماضي والحاضر والقابل، و (قول) خبر كان وقوله تعالى: (أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) ويكون مؤدى الكلام السامي، إنما كان قول المؤمنين المستمر الدائم، إذا دعوا إلى الله ورسوله، أي حكم القرآن والسنة، وهو حكم الله رسوله هو قولهم (سَمِعْنَا) دعوة الله ورسوله ليحكم بيننا (وَأَطَعْنَا) قولهما، ووحد الحكم وعاد الضمير عليهما بضمير الواحد، لأن الحكم واحد، إذا أمر الله رسوله به نفذه ودعا إليه، ولا قول لهم سوى ذلك، بل قولهم مقصور عليه، وهم مقصورون عليه لَا قول لهم غيره، فلا مرض في قلوبهم، ولا امتراء في إيمانهم، ولا هوى يتحكم فيهم فيتبعون حكم الله إن صادف أهواءهم، ويعرضون عنه إن لم يصادف هذه الأهواء فهواهم هو الذي يحكمهم، لَا الحق هو الذي يحكمهم.

وقد حكم الله تعالى لهؤلاء الذين قالوا: سمعنا وأطعنا بقوله تعالى:

(وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)، أي الفائزون، وقد فازوا بالحق؛ لأن الحق في ذاته قوة واطمئنان وسعادة لمن ذاقه وعرفه، وهو اطمئنان النفوس واستقرارها وفازوا عند الله تعالى برضاه وهو أكبر الفوز، وأعظمه، والإشارة إلى أولئك المتصفين بالطاعة وسماع الحق والإيمان به والإذعان له، وهنا قصر واختصاص، وذلك بتعريف الطرفين أي أولئك وحدهم هم المفلحون، ولا فلاح لسواهم، وقد أكد سبحانه فلاحهم بالقصر.

وهنا نشيبر بكلمة موجزة عن حال المسلمين بعد ضعفهم، واستخذائهم، وركوب النصارى واليهود عليهم، لقد ارتضوا القوانين الأوروبية بديلا لأحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حاسبين أن ما عند النصارى هو الخير وما عند غيرهم لا خير فيه، حتى إنه لو دعا داع إلى أحكام الله ورسوله في كتابه وسنة نبيه رموه

<<  <  ج: ص:  >  >>