للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤)

أمر الله تعالى نبيه أن يقول لهم ذلك؛ لأن هذا من تبليغ الرسالة، وهو وحده المبلغ، والله هو الذي يكلفه بالتبليغ، وإن الطاعة وحدها هي التي تكشف ما يختفي من نيات، وما يظهر من أمور قد تبين في لحن القول، والمنافقون يعرفون في لحن أقوالهم كما قال: (. . . وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ. . .)، (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)، أي أطيعوا طاعة من صميم قلوبكم، لَا من ظاهر أقوالكم، وذكر الرسول مع الله، للإشارة إلى التلازم بينهما، وإلى أن طاعة الرسول واجبة على الأمة، لكيلا يتململ اليهود، والمنافقون من إجابة الرسول، زاعمين في نفوسهم الفاسدة الفصل بين طاعة الله وطاعة رسوله، فيعصون الرسول، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا، والخطاب للمنافقين ومن في قلوبهم مرض (فَإِنْ تَوَلَّوْا) هذا فعل مضارع حذفت فيه التاء الأولى، في " تتولوا " حذفت لكيلا يثقل على اللسان توالي التاءات، أي فإن تعرضوا ولا تطيعوا وتخضعوا (فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ) من تكليف بالبلاغ، والدعوة إلى الجهاد والفضيلة، والعبادة الخالصة لوجه الله، (وَعَلَيْكُم مَا حُمِّلْتُمْ) من الطاعة والاستجابة، والفاء هي الواقعة في جواب الشرط، والفاء الأولى في قوله تعالى: (فَإِن تَوَلَّوْا) تفصح عن كلام مقدر، أي إن استحببتم فقد آمنتم، وإن تتولوا فالعاقبة عليكم، ودل على هذا قوله تعالى: (فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ)، أي وهو البلاغ، أي ليس عليه إلا ما حمله وهو البلاغ، وقدم الجار والمجرور للدلالة على الاختصاص، أي عليه ما حمّل وهو التبليغ ليس عليه غيره، فهو لَا يهديكم، ولكن يرشدكم ويدعوكم، ثم قال تعالى (وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ) من

<<  <  ج: ص:  >  >>