للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الستر، ولا تكون البيوت كبيوت أهل الخنا، وقال تعالى: (بَعْدَهُنَّ)، أي بعد هذه الأوقات.

وبين سبحانه السبب في رفع الحرج في غير هذه الأوقات، فهؤلاء الذين ملكت أيمانهم، والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم يدخلون من غير استئذان؛ لأنهم طوافون مترددون في البيت، ويكون حرج شديد إذا كان الاستئذان في كل وقت، ويكون حرج على الأمهات إذا كان أطفالهن لَا يدخلون إلا باستئذان وهم غير مكلفين.

وما ملكت أيمانهم عامة: أيراد بها كل من ملكت أيمانهم رجالا ونساء. إنه بمقابلة النصوص بعضها ببعض، وتخصيص بعضها ببعض يكون المتفق مع روحها، وألفاظها، أنه لَا استئذان على الرجال مما ملكت أيمانهم من الرجال والنساء، لَا إثم في ذلك، ولا مظنة لعري، وأما بالنسبة للنساء فإنه لَا يدخل الرجال عليهن إلا بإذن، - والإماء قد رفع عنهن الإثم، لأنهن طوافات على النساء (راجع ما قلنا في تفسير آيات غض البصر) وإنه بمقتضى هذه الآيات يجب أن يكون في غير هذه الأوقات مستورا دائما ولو كان في بيته؛ لأنه إذا كان الاستئذان لمظنة ظهور العورة في الأوقات الممنوعة إلا باستئذان، فمعنى ذلك أنه لَا يصح أن يطلع على العورة إذا كشفت حتى الأطفال المميزون ما داموا لم يبلغوا الحلم، وعلى ذلك يجب ستر العورة لكي يكون الاستئذان ولا حرج.

وقال تعالى: (طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ)، بعضكم بدل من طوافون، أي بعضكم يطوف على بعض. هذه أوامر هي تعليم من الله وإرشاد، وتوجيه إلى ما ينبغي في بيوتهم، وكذلك قال تعالى: (كذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، أي كهذا البيان في ذكر ما هو لائق وما تكون عليه الأسرة يبين الله تعالى الآيات المتلوة ويوضحها لكم لتقوم الأسر على دعائم من الطهر، والمودة والرحمة، والله تعالى عليم بأحوالكم ظاهرها وباطنها، وحكيم فيما شرع ويأمر. فهو يبين لكم الأحكام، وما يليق بكل حال.

<<  <  ج: ص:  >  >>