للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (٦٢)

الضمير يعود للذات الإلهية التي يجب أن يكون ذكرها في قلب كل مؤمن، وهو الذي يسبح له الرعد بحمده، (جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً)، أي يخلف كل واحد منهما الآخر، كأنه يذهب عن الوجود ليكون الثاني خليفة له في إحكام ودقة، وانتظام وتداول بينهما، فالإنسان بين ليل يغشاه، وليل يبرزه، وبين حياة هادئة ساكنة يستروح فيها راحة الحياة واستقرارها، وبين لغوب وعمل وكد وعناء، وقال تعالى: (لِمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ) يذكر أصلها ليتذكر، أي أنه في هدأة الليل يتذكر نعم الله تعالى نعمة نعمة، ويعتبر أمره عبرة بعد عبرة، وأخذ مواعظه عظة بعد عظة.

وقوله تعالى: (لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) اللام حرف جر متعلق بجعل، أي هذا الليل والنهار خلفة لتكون مادة اعتبار وإدراك لمن أراد أن يتذكر، ويعرف قدرة اللَّه تعالى وخلقه، وإبداعه في التكوين، فيذكر قدرة اللَّه تعالى الخلاق العليم، وأنه ليس كمثله شيء، وأنه خالق كل شيء، والمنعم على كل شيء، وأراد أن يُشكر على ما أنعم بالطاعة.

وفى هذا التعبير الحكيم إشارة إلى تبعة الإنسان في إهماله أو اعتباره، لأنه سبحانه قال (لِمَنْ أَرَادَ) فإرادته هي الموجهة له بعلم اللَّه العلي الكبير، وبهذه الإرادة يستحق الثواب ويستحق العقاب، واللَّه تعالى يهدي من أراد الهداية بالتذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>