للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (٢٠١) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٢٠٢) وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)

* * *

هذه الآيات الكريمات في ذكر بقية مناسك الحج، وقد ابتدأت الآيات السابقة " فذكرت ابتداءه، وأشارت إلى انتهائه، وكيف يكون الانتهاء، وفي هذه الآية بيان أو بالأحرى إشارة إلى ركن الحج الركين الذي يفوت الحج بفواته، وهو الوقوف بعرفات. فهذه الآيات وما سبقها في موضوع واحد.

وقد انتهت الآية السابقة بأن الحاج عليه أن يتزود من المعاني الروحية؛ لأنها لب الحج ومعناه، وغايته ومرماه: (فَإِن خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). وقد ابتدئت هذه الآيات ببيان أن التزود الروحي لَا يتنافى مع بعض الأغراض المادية، إذا توافرت التقوى، وتسامت النفس وعلت قوة الروح، فإن المادة في هذه الحال تكون مطية الروح، وفي خدمة المبادئ الفاضلة؛ فليست التقوى في الإسلام هي التجرد النفسي، والانخلاع من دواعي الجسم أو تعذيب الجسم لتطهير الروح؛ إنما التقوى في الإسلام تقوية الروح لتسيطر على الجسم، وتقوية الجسم ليؤدي مقاصد الروح، ويصل إلى غاياتها ومراميها؛ ولذلك أردفت الآية الداعية إلى طلب الزاد الروحي من التقوى بالآية التي تنفي الإثم عن مطالب الجسد، ما دامت خاضعة لقوة الإرادة والعقل؛ لأن المادة

<<  <  ج: ص:  >  >>