للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا ... (١٩)

و (ضَاحِكًا) حال مؤكدة لمعنى القسم، وهو يتضمن معنى التعجب من حرصها واهتدائها إلى النتيجة لمرور الجيش عليها، وعلى صواحبها، وإن ذلك دفعه لأن يتجه إلى ربه الذي أعطاه وأباه ما أعطى فقال: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).

لم يغتر، ولم يفخر، ولم يفاخر، بل عرف حق النعمة واتجه إلى شكرها، ودعا ربه ثلاثا.

أولا: ضرع إلى ربه أن يدفعه، فقال أوزعني أي ادفعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت بها على، وعلى والديَّ، فإن هذه نعمة تحتاج إلى الالتجاء إليك لأتمكن من شكرها، وهي عليَّ، وعلى والديَّ فقد كان نبيا آتيته ما آتيت ولده سليمان، فكان ما أنا فيه نعمة عليَّ وعليه.

ثانيا: دعا ربه أن يوفقه للخير فقال: (وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ)، أي أن أعمل عملا هو صالح في ذاته وأن ترضاه بأن يكون خاليا من كل غرض غير رضاك سبحانك، إنك أنت المعطي، والمانع.

ثالثا: أن يكون في ضمن عباد الله الصالحين، فقال: (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ)، أي أن الدخول في الصالحين من عباده سبحانه هو برحمته سبحانه، لَا بعمل قدمه، فكل عمل هو من فضله، وكل جزاء هو من رحمته.

رأى من النملة ما رأى، وكان بعد ذلك الطير.

(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١)

يظهر أنه كان عند طائفة من الطير يتعهدها، ويسألها عن مآل أمرها،

<<  <  ج: ص:  >  >>