للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعقولهم، وفسادا لتفكيرهم، واستجابة لدعاة السوء بينهم، وفعلوا هذه العبادة من دون اللَّه، أي إنهم عبدوها دون أن يعبدوا خالقها الذي خلقها، وخلق كل ما يكون مما جعلها اللَّه تعالى سببا لنمائه، وهو وحده الخلاق العليم.

وذلك لاستيلاء الشيطان على قلوبهم، ولذا قال عز من قائل: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ).

إنه من الحقائق النفسية الثابتة أن أول الشر استحسانه، فالشيطان يزين أعمال السوء للفاعل ويحسنها له، ويظن أنها الخير وحدها، وأن ما عداها باطل، وفرق بين المهتدي وغير المهتدي، أن من هداه اللَّه يميز الخبيث من الطيب، فلا يتردى في باطل، وإن تردى فيه سرعان ما يعود إلى الحق، ولا يقبل وسوسة الشيطان بالشر، وليس قلبه موضع لتزيينه، ثم قال (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ)، أي أنهم بسبب تزيين الشيطان لهم قد مكنوه من أنفسهم، فصدهم عن السبيل، أي لعلهم يعرضون عن الطريق المستقيم في ابتدائه، ومن ضل في أول الطريق سار في ضلال إلى آخره، ولذا قال مرتبا على ذلك: فهم لَا يهتدون، أي فهم يسيرون في ضلال غير مهتدين إلى الحق إلى النهاية، حتى يكون الحساب والعقاب:

(أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (٢٥) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٢٦)

يصح أن نقول إن قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>