للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥)

قدرت ودبرت ورأت المسالمة بدل المقاومة رهبا في الملك، ورغبا في موادته، قالت محذرة من غلوائهم ومقدرة أمرها وأمرهم: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا) والقرية هي المدينة العظيمة التي تكون مكونة من جموع كثيرة متكاثفة، ودخولهم القرية العظيمة يكون بحرب جائحة تأكل الأخضر واليابس، وهذا هو الفساد والخراب، فلو أمكن، وفي شر ذلك ما قد يكون خيرا، وذكرت أمرا آخر يفعله الملوك، وهو أن يجعلوا أعزة أهلها أذلة، إنما يقلبون الأوضاع فيها فيجعلون من هم في موطن العزة والسلطان، هم الذين يكونون في موطن الذلة والهوان وإنها في ذلك تشير إلى خوفها على نفسها من أنها في السنام منهم قد تكون غير ذلك، وأنهم لهاميم قومهم قد يكونون في غير مواضعهم، وسجلت أن ذلك حال الملوك دائما وهو شأنهم، ولذا قالت: (وَكذَلِكَ يَفْعلُونَ)، أي ذلك شأنهم دائما. وكان التعبير بالفعل المضارع لتصور حالهم المستمرة الدائمة كأنها شأن من شئونهم، وغاية لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>