للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦٤)

أم: للإضراب، ومَنْ للاستفهام، أي أن الإضراب انتقالي، انتقل من السؤال عن أصل خلق الكون وما اشتمل وما توالى عليه من نعم الماء، والإنبات وتصريف الرياح لتكون مبشرة بين يدي رحمته، بعد ذلك سألهم عن أصل خلقهم، وعن مآلهم، وهو أمر متعلق أشد التعلق، والمعنى من الذي خلقكم ابتداء، وجعل لكم أجلا مسمى، وتكفل برزقكم في الدنيا، وعبر سبحانه عن بدء الخلق بقوله (أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ)، مع أنه بدأه وخلقه في الماضي، فهو قد ذكر المضارع دون الماضي لأمرين: أولهما. تصوير البدء واستمراره، فالمضارع يدل على ذلك، والثاني أن البدء في الخلق مستمر فهو في الحاضر والقابل كما كان في الماضي، وقوله تعالى: (ثُمَّ يُعِيدُهُ) التعبير بـ (ثُمَّ) في موضعه؛ لأن بين الإعادة والبدء أعمار الناس، وليس ذلك زمنا قصيرا، وذكر البدء في هذا المقام إنذار لهم وتذكير، والحياة عابثة إذ لم يكن بها تذكير باليوم الآخر، وإنما مستمر، وسبحانه وتعالى يذكره دائما لكي لا ينسوه، وفيه إنذار لهم وتبشير.

<<  <  ج: ص:  >  >>