للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: (يَسْألُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ. . .)، وكالسؤال فيما يأتي: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ. . .)، إذا كان السؤال من المؤمنين إعلانا لندمهم على صنيعهم، فقوله تعالى: (قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) فيه بيان معذرتهم، وأنهم مضطرون لَا مختارون وإن الذين قاتلوهم ارتكبوا معهم الشر بكل صنوفه، فإن أخطأتم غير قاصدين فأولئك ارتكبوا أصناف الشر قاصدين، وهم لَا يرقبون فيكم إِلًّا وَلَا ذِمَّةً.

والأصناف التي ذكرها الله سبحانه من اعتدائهم خمسة: هي الصد عن سبيل الله، والكفر بالله، والكفر بالمسجد الحرام، وإخراج أهله منه، والفتنة في دين الله.

أما الصد عن سبيل الله فمعناه المنع من سبيل الله، أي السن المستقيم الذي سنه الله سبحانه وتعالى لخلقه ليسيروا على الفضيلة متآخين متحابين وابتدأ الله ببيان صدهم عن سبيله للإشارة إلى أنهم يعاندون الحق في ذاته ويمنعون أن تقام العلاقات بين الناس على أسس من الفضيلة.

والفعل صد: يستعمل لازما ومتعديا، فيقال: صد عن هذا الأمر أو عن فلان صدودا إذا أعرض غنه وانصرف، ويقال: صده عن هذا الأمر صدا أي منعه وصرفه.

والكفر بالله يشمل الشرك، ويشمل كفر النعم التي غمرهم الله بها وأسبغها عليهم، سواء أكانت مادية ببسط الرزق، أم كانت معنوية بآياته البينات، وبعث الرسالة فيهم تهديهم وترشدهم، وكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - منهم (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ. . .).

والكفر بالمسجد الحرام عدم شكر الله على نعمته إذ جعلهم في حرم آمن والناس يتخطفون من حولهم: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّف النَّاس مِن حَوْلِهِمْ. . .)، ومن الكفر أنه بيت الله ومع ذلك يقيمون عليه الأصنام وهي الأحجار التي يشركونها بالله في العبادة، ومن الكفر به أن يمنعوا الناس من القيام بحقه في الزيارة والطواف في الحج والاعتمار، ومن الكفر أن يؤذوا الناس حوله ويقتلوهم ويفتنوهم عن دينهم في بطحاء مكة، وهكذا لم يقيموا للبيت

<<  <  ج: ص:  >  >>