للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصل كلمة " خمر تستعمل بمعنى الستر، وبمعنى " الترك، وبمعنى الاختلاط فيقال خمر بمعنى ستر، ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها، ومنه: خمروا آنيتكم أي غطوها، ويقال للشجر الملتف (خمرا) لأنه يستر بعضه بعضا ومنه قول القائل: دخل في غمار الناس وخمارهم، أي اختفى فيهم وستر بهم.

ومن استعمالها بمعنى الترك قولهم: اختمر العجين، أي ترك حتى بلغ إدراكه، وقولهم خمر الرأي واختمر أي تركت حتى تبين وجه الحق فيه ومن استعمالها بمعنى المخالطة أن يقول القائل: ما خامرني شك، أي خالطني شك. والخمر التي تسكر فيها المعاني الثلاثة، فهي تستر العقل، وهي لَا تكون كذلك مسكرة إلا إذا تركت مدة طالت أو قصرت حتى تتكون منها المادة المسكرة، وهي تجعل الشارب لها يختلط عقله، ويغلب صوابه، فلا يعرف الحق من الباطل، واللائق من غير اللائق، والضار من النافع.

وقد اختلف الفقهاء في مدلول كلمة خمر التي نص عليها القرآن بالتحريم مع أن كل مادة من شأنها الإسكار تكون حراما، إنما موضع الخلاف في الأمر الذي حرم بنص الآية أيشمل المسكرات كلها، فيدخل في عموم التحريم بالنص كل الأنبذة وكل المواد التي من شأنها أن تسكر، وإن لم يسكر المتناول فعلا سواء أكانت تلك المواد من عصير العنب أم كانت من غيره. . أم أن النص الوارد بالتحريم في الخمر هو فيما كان من عصير العنب، وغيره من المحرمات ثبت تحريمه بالقياس عليه لتحقق علة التحريم فيه، ولعموم النص في الحديث " كل مسكر حرام "؛ (١).

قال الجمهور الأول)، وهو أن كلمة خمر تشمل كل مسكر، وحجتهم في قولهم أصل الاشتقاق لأن كل مسكر يتلاقى مع أصل الاشتقاق في الكلمة، لأنه يستر العقل، ويجعل الشارب مختلط الفكر مضطرب النظر لَا يعرف الحق من الباطل، وقد تبين من قبل أصل الاشتقاق. وقد روى الترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) متفق عليه؛ رواه البخاري: كتاب المغازي - بعث أبي معاذ إلى اليمن (٣٩٩٧)، ومسلم: الأشربة - بيان أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام (٣٨٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>