للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال سبحانه (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) وهذا ترغيب في الإصلاح، وترهيب من الفساد؛ لأنه إذا كان يعلم المؤمن أن الله مطلع على ما يفعل، تجنب الشر، وآثر الخير، فتجنب إهمال اليتيم لكيلا يفسد وعمد إلى تهذيبه لكي يكون عضوا عاملا في الجماعة يبني كما يبني غيره، وتقوم الجماعة على سواعد قوية يشترك الجميع في إقامتها. ثم إنه إذا علم الله المصلح فسيجزيه خير الجزاء، وما دام يعلم المفسد، فحسابه وعقابه بمقدار فساده.

ثم قال سبحانه (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ). العنت المشقة، وأعنتكم: أوقعكم في المشقة، وذلك بأن يترككم تهملون أيتامكم، فيكونون إلبا عليكم في قابل حياتهم، وشوكة في جنب الدولة، ويكون منهم قطاع الطريق واللصوص والمنتكهون لحرمات المنازل، ويفتكون بمجتمعكم، وينزلون الأذى بكم ولكن الله سبحانه كان من رحمته أن دعاكم إلى العناية باليتامى ليكونوا عاملين بدل أن يكونوا هادمين، وليكونوا قوة للجماعة بدل أن يكونوا قوة عليها هادمة في بنائها.

ثم ذيل الله سبحانه الآيات بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) للإشارة إلى ثلاثة أمور:

أولها: أن الله سبحانه عزيز يعز من يشاء ويذل من يشاء فمن أذل يتيما أذله الله، ومن أعزه أعزه الله سبحانه.

وثانيها: أن الله سبحانه وتعالى هو الغالب على كل شيء، فهو الذي سيجزي القوامين على اليتامى بما يفعلون، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.

وثالثها: أن هذا التنظيم هو من حكمته ورحمته، فمن رحمته بخلقه أن حثهم على معاونة اليتيم وإصلاحه، والقيام على شئونه، وليكون التراحم بين الناس، وليضعف الشر فيهم، ويكثر الخير والإنتاج، والله سبحانه وتعالى بكل شيء عليم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>