للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولها: البر بالرحم، كما حصل في يمين الصديق الكريم أبي بكر رضي الله عنه.

وثانيها: التقوى بأن يجعل بينه وبين أذى الناس وغضب الله بأذاهم وقاية، كما يتبين في حلف الرجل في أهله مضارة بهن وإيذاء لهن.

والنوع الثالث: الصلح بين الناس كما حدث في يمين عبد الله بن رواحة مع خَتَنِه النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وما من خير يحلف الناس على الامتناع عنه إلا وهو داخل في هذه الأنواع الثلاثة.

(وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ذيل الله سبحانه وتعالت كلماته الآية الكريمة بهذه الجملة السامية للإشارة إلى أنه سميع لأيمانهم عند النطق بها وتوثيقهم القول بها، عليم بالدوافع إليها، والبواعث التي بعثت عليها، والنتائج التي تتأدى إليها؛ وإنه تقدست ذاته، وتعالت صفاته، يغفر لهم أيمانهم بالحنث ثم الكفارة في نظير الخير العميم والنفع العظيم، ومنع الضرر والضرار بالأهل، والبر بذوي الأرحام؛ ثم ذلك التذييل الكريم لايخلو من إنذار بغضب الرحمن الرحيم إن أصروا على ماهم عليه ولم يثوبوا إلى رشدهم ويتخذوا تحلة أيمانهم طريقا للعودة إلى البر.

(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ) اللغو من الكلام: ما لَا يعتد به، ولا يصدر عن فكر وروية، وأصله من لغا الطير، وهو صوت الطيور الذي لَا يفهم منه شيء ويظن الإنسان أنه لَا يقصد به شيء، وقد يطلق اللغو على الكلام القبيح الذي ينبغي ألا يعتد به؛ ومن ذلك قوله تعالى: (لا يَسْمَعونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذابًا)، وقوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ. . .)، وقوله تعالى: (وَإِذَا مَروا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا).

وإذا كان اللغو من الكلام ما لَا يعتد به ولا يورد مورد الروية والتفكير، فلغو اليمين ما لَا يعتد به ولم يصدر عن روية وتفكير. وقد روى في الآثار صور لأيمان اللغو، وأخذ بعض الفقهاء صورة منها وحصر اللغو فيها، وأخذ غيره بصورة أخرى، وقصر اللغو عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>