للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استحباب أن يدعى الله بالأسماء الدالة على المعاني المطلوبة]

قال الشارح رحمه الله: [قال ابن القيم رحمة الله تعالى عليه: واسمه (الله) تعالى دل على كونه مألوهاً معبوداً يألهه الخلائق محبة وتعظيماً وخضوعاً، ومفزعاً إليه في الحوائج والنوائب، وذلك مستلزم لكمال ربوبيته ورحمته، المتضمنتين لكمال الملك والحمد، وإلهيته وربوبيته ورحمانيته وملكه مستلزم لجميع صفات كماله؛ إذ يستحيل ثبوت ذلك لمن ليس بحي، ولا سميع، ولا بصير، ولا قادر، ولا متكلم، ولا فعال لما يريد، ولا حكيم في أقواله وأفعاله.

فصفات الجلال والجمال أخص باسم (الله)، وصفات الفعل والقدرة والتفرد بالضر والنفع والعطاء والمنع، ونفوذ المشيئة، وكمال القوة، وتدبير أمر الخليقة أخص باسم (الرب).

وصفات الإحسان، والجود والبر والحنان والمنة والرأفة واللطف أخص باسم (الرحمن)].

هذه من معاني أسماء الله جل وعلا، فالتأله والعبادة والدوام على ذلك تختص باسم (الله) جل وعلا؛ لأنه مأخوذ من (الإله)، والملك والتصرف والعذاب والانتقام والرزق والإحياء والإماتة وجميع الأفعال تختص باسم (الرب) جل وعلا؛ لأن معنى الرب: المالك والمتصرف، والعطاء والإحسان والعفو عن الإساءة ونحو ذلك من الكرم والجود أخص به اسم (الرحمن) و (الرحيم)، فأسماء الله جل وعلا كل اسم له معانٍ تخصه، ويجب أن يدعى الله به، وإذا طلبت منه تلك المعاني يدعى الله بهذا الاسم الدال عليها، ولا ينبغي أن يدعى بشيء لا يناسب المعنى، فإذا طلب التوبة قال: يا تواب، وإذا طلب الرزق يقول: يا رزاق! وإذا طلب المغفرة يا غفور! وهكذا، وهذا من معنى قوله جل وعلا: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠]، وأسماء الله جل وعلا كلها حسنى، ومعنى كونها حسنى أنها قد بلغت غاية الحسن، أي أنها كاملة لا يتطرق إليها نقص ولا عيب في المعاني، بخلاف أسماء المخلوقين فإنها وضعت أعلاماً تميز واحداً عن الثاني فقط، وليس لها من المعاني شيء، ولهذا ضل من قال: إن أسماء الله أعلام عليه، ولم يعرف الله جل وعلا حق المعرفة التي تجب عليه.

قال الشارح رحمه الله: [وقال - ابن القيم رحمه الله- أيضاً: الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم.

وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:٤٣]، {إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١١٧]، ولم يجيء قط رحمان بهم].

وقد جاء في الحديث: (رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما)، وهذا يناقض ذلك، وكلاهما يدل على صفة تقوم بالله جل وعلا، ولكن هذا يدل على صفة الذات، وهذا يدل على صفة الفعل والعلم لله جل وعلا.