للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأغراض التي خلقت لها النجوم]

وقد ذكر الله جل وعلا أن النجوم خلقت لأغراض ثلاثة ذكرها لنا جل وعلا: الأول: أنها زينة للسماء، كما قال جل وعلا: {زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ} [الملك:٥].

الثاني: أنها رجوم للشياطين، وفي الآية أيضاً: {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك:٥]، وذلك أن الشياطين -مردة الجن- يركب بعضهم بعضاً حتى يصلوا إلى عنان السماء -أي: قرب السحاب أو ما أشبه ذلك- ليستمعوا إلى كلام الملائكة، والملائكة يكونون بين السماء والأرض أو يكونون في السحاب أو حيث يشاء الله جل وعلا، فحينما يدبرهم ويأمرهم بتصريف الأمور، فإن الجن يريدون أن يستمعوا إلى ما يتكلم به الملائكة فيحاولون استراق السمع، فيلتقطون بعض الكلمات فيأتون بها إلى أوليائهم من السحرة والكهنة، فجعل الله جل وعلا النجوم شهباً يرجمون بها، كما كان الوحي الذي يوحيه الله إلى أوليائه مانعاً لهم من استقراق السمع إلا أن الوحي قد انقطع ولم يبق إلا الرجم الذي يرسل عليهم، فيقتل منهم ما شاء الله أن يقتل، ويسلم بعضهم.

الأمر الثالث: أنها علامات يهتدى بها، كما قال الله جل وعلا: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:١٦]، يعني: يهتدون في طرقهم في البر والبحر، وهذا شيء مألوف ومعروف، وكذلك يهتدون بها على القبلة والجهات.

وسيأتي قول قتادة: أن من بحث في النجوم عن غير هذه الأمور الثلاثة فقد أضاع سبيله ونصيبه من الآخرة وضل، وترك ما أمره الله جل وعلا به، واتبع طريق الضلالة.

وأما معرفة النجوم بأحوالها وأبعادها وأجرامها فهذا من هذا النوع؛ لأن فيه دليلاً على الله وعظمته جل وعلا، كما أخبر الله جل وعلا عن ذلك في آيات عدة، فهي داخلة في القسم الثالث: قسم الاهتداء بما، فيُهتدى بها إلى الطرق، ويُهتدى بها إلى معرفة الله جل وعلا؛ لكونها من الآيات، مثل: السموات، والأرض، والجبال، والشجر، والنبات، والإنسان، وغير ذلك من المخلوقات التي تدل على وجود الرب جل وعلا.