للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحريم قطيعة الرحم]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [وأحسن ما يقال: إن كل عمل دون الشرك والكفر المخرج من ملة الإسلام فإنه يرجع إلى مشيئة الله، فإن عذبه به فقد استوجب العذاب، وإن غفر له فبفضله وعفوه ورحمته.

قوله: (مدمن الخمر)، أي: المداوم على شربها.

قوله: (وقاطع الرحم)، يعني: القرابة، كما قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد:٢٢] الآية].

تمام الآية: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:٢٣]، فأخبر سبحانه أن قاطع الرحم ملعون، وقطيعة الرحم: هو عدم صلتها، وصلة الرحم تكون بالشيء الذي يعتاده الناس ويتعارفون عليه ولو بالكلام، ولو بالزيارة، ولا يلزم أن تكون الصلة بالمال، لكن القطيعة هي عدم المواصلة، لا بكلام، ولا بزيارة، ولا بالشيء الذي يتعارف عليه الناس.

والرحم هي: كل قرابة من جهة النسب، فكل قرابة من جهة النسب هي رحم، ومعلوم أنها تختلف: فمنها ما هو ألزم من بعض وأوجب من بعض، فتقدم قرابة الأبوة والبنوة، ثم الأخوة، ثم العمومة، وهكذا، فالقرابات تختلف، وحقوقها تختلف باختلاف قربها، وإن كانت بعيدة من جهة النسب فهي أيضاً قرابة ويجب أن توصل كما أمر الله جل وعلا بصلتها.

وليست الصلة أنه يذهب كل يوم يزور أرحامه، أو يكلمهم كل يوم، أو كل أسبوع، أوكل شهر، أو كل سنة، بل هذا يرجع إلى العرف، فإذا كان القريب إذا زرته في الشهر مرة أو في السنة يقتنع بهذا ويرضى فإن هذه تكون صلة، والمقصود ألا يكون بين القريب وقريبه نفرة وعداوة يكون مصدرها وسببها الجفاء، فإذا كانت المودة موجودة وإن تباعدت الديار، وإن تباعدت الزيارات، فلا يعد ذلك قطيعة، إنما القطيعة هي الجفاء، وعدم القيام بالشيء الذي يطلب منه، سواء كان زيارة وتكليماً أو ما أشبه ذلك.