للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الفرق بين محبة الله ومحبة رسوله]

ما الفرق بين محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ومحبة الله؟ نقول: إن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فرع عن محبة الله، يعني: يحبه لله ومن أجل الله، يحبه لأن الله يحبه، يحب في الله ولا يحب مع الله، وإنما يحبه لأن الله أمر بحبه؛ ولأنه قام بما يجب عليه لله جل وعلا، فمن لازم محبة الحبيب أن تحب ما يحبه.

وكذلك محبة عباد الله المؤمنين وأوليائه وأتقيائه، يحبون لله وفي الله، ومن أجل الله جل وعلا، وليست محبة مع الله، أما المحبة مع الله فتكون محبة فيها التعظيم والذل والخضوع والعبودية، وهذه لا تجوز أن تكون إلا لله وحده كما سبق.

قال الشارح رحمه الله: [ثم روى عن ابن زيد قال: هؤلاء المشركون أندادهم آلهتهم التي عبدوا مع الله، يحبونهم كما يحب الذين آمنوا الله، والذين آمنوا أشد حباً لله من حبهم آلهتهم.

انتهى].

قلنا: هذا قول ضعيف.

قال الشارح: [والثاني: والذين آمنوا أشد حباً لله من المشركين بالأنداد لله].

قلنا: هذا هو القول الصحيح، وهو الصواب، أما الأول فضعيف.

قال الشارح: [فإن محبة المؤمنين خالصة، ومحبة أصحاب الأنداد قد ذهبت أندادهم بقسط منها، والمحبة الخالصة أشد من المشتركة، والقولان مرتبان على القولين في قوله تعالى: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:١٦٥]، فإن فيها قولين أيضاً.

أحدهما: يحبونهم كما يحبون الله، فيكون قد أثبت لهم محبة الله، ولكنها محبة أشركوا فيها مع الله تعالى أندادهم.

والثاني: أن المعنى يحبون أندادهم كما يحب المؤمنون الله].

القول الثاني باطل؛ لأنه ليست محبة المشركين لأندادهم كمحبة المؤمنين لله، هذا شيء معروف، وإن كانت محبتهم فيها ذل وخضوع وتعظيم، ولذلك صارت عبادة، ولكنها ليست كمحبة المؤمنين لربهم تعالى وتقدس.

قال الشارح: [ثم بين تعالى أن محبة المؤمنين لله أشد من محبة أصحاب الأنداد لأندادهم].

هذا فيه تناقض، كيف تقول مثلاً: إنهم يحبون أندادهم كمحبة المؤمنين لله، ثم تقول: إن محبة المؤمنين أشد وأعظم؟! يصير الكلام متناقضاً أوله مع آخره، وهذا يدل على ضعفه.