للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبادرة إلى طاعة الله]

الثالث: إذا حضر أمر الله فبادر إليه ولا تتوان، فإن التواني عن المبادرة بأمر الله قد يورث معصية ومقتاً، كما أخبر الله جل وعلا عن الذين قعدوا عن الجهاد وتأخروا، فقال الله جل وعلا لهم: {اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة:٤٦]؛ لأنهم في أول الأمر ما سارعوا إلى ذلك، وكذلك يقول جل وعلا: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:١١٠]؛ بسبب أنهم تذكروا أول الأمر ولم يسارعوا إلى امتثال أمر الله جل وعلا.

ثم إن المحبة هي أصل الدين الإسلامي؛ لأن محبة الله هي: أن يألّه ربه، ولا يكون في قلبه آلهة يألهها غير الله جل وعلا، والتألّه قد يتفاوت، ولكن محبة الله التي تتضمن الذل يجب أن تكون خالصة، لأن العبادة هي امتثال الأمر مع غاية الذل وغاية التعظيم، هذه هي العبادة، فمحبة الله عبادة، ولابد أن يكون الإنسان عارفاً لذلك وممتثلاً له، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإذا كان في القلب محبوب يزاحم محبة الله جل وعلا أو يقدم عليها فمعنى ذلك أن الإنسان لم يخلص.

وأهل المحبة الخالصة هم الذين لا تمسهم النار ولا يعرضون عليها، بخلاف الذي فيهم شائبة فلابد من تطهيرهم أو أن يبقوا في النار؛ لأن الذين أشركوا بهذه المحبة هم المشركون كما سبق في الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:١٦٥] يعني: أنهم يحبون أندادهم مثل محبتهم لله جل وعلا.

والند: هو كل ما كان مقصوداً بشيء من التعظيم أو الذل أو الحب الذي يكون فيه الخضوع، ولا يلزم أن يكون الند صنماً أو يكون رجلاً، فالند قد يكون مالاً يقدمه على محبة الله، وقد يكون شهوات، وقد يكون رئاسة، وقد يكون معنى معلوماً.

فالمقصود: أن يكون العبد خالصاً لله جل وعلا، ولا تكن عبوديته موزعة، أما إذا كانت موزعة بين الله جل وعلا وبين المظاهر أو الأغراض الأخرى فإنه لا يكون مخلصاً، وأهل الإخلاص هم أهل النجاة الذين ينجيهم الله جل وعلا من عذابه.