للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنواع الصبر ومعناه]

الصبر أقسام ثلاثة: قسم يكون على الطاعة، فيصبر الإنسان على الطاعة؛ لأن النفس قد تكون غير منقادة للطاعة، وقد تشق عليها بعض الطاعات فيحملها على هذا بالصبر.

القسم الثاني: صبر عن المعصية؛ لأن المعاصي كثير منها تهواه النفوس وتريدها، فيحمل نفسه على الصبر فيصبر ويحبسها عن هذا الشيء، ويرجو بذلك الأجر من الله، فيصبر خوفاً من الله ورجاءً في ثوابه.

القسم الثالث: الصبر على أقدار الله.

إذاً: فالأقسام ثلاثة: صبرٌ على مأمور، وصبر عن محظور، وصبر على مقدور، ولا بد أن يقع الإنسان في هذه الأمور، فإن صبر فله الأجر والثواب، وإن لم يصبر فقدر الله ماض وعليه الوزر والعقاب.

ثم الصبر مأخوذ من الحبس والمنع، ومنه الذي يقتل وهو محبوس -يحبس ثم يقتل- أو يمسك ثم يقتل، فيقال: قتل صبراً، أي: محبوس ليس له تصرف في نفسه.

فالصبر معناه: الحبس على الشيء ومنع النفس منه، فيمنع نفسه من التفلت من الطاعة ويحملها عليها ويصبر على ذلك، أو يصبر نفسه عن المعصية ويمنعها.

ويكون الصبر للقلب واللسان والجوارح، فالقلب لا يبغض ولا يكره بل يرضى ويسلم بقدر الله، واللسان لا يشتكي ولا يتكلم بالشيء الذي يسخط الله جل وعلا، والجوارح لا تلطم ولا تشق ولا تحثو التراب ولا تفعل فعلاً ينافي الصبر, فكل هذا يحملها على التسليم والطاعة والانقياد والرضا لله جل وعلا.

والإنسان إما أن يفعل طاعة مأموراً بها، أو ينهى عن معصية، أو أن عنده نعمة ثم قد يفقد شيئاً منها، فيجب أن يصبر على الطاعة، ويصبر عن المعصية، ويصبر على ما قدر عليه.