للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا إيمان لمن لا صبر له]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قوله: باب: من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله.

قال الإمام أحمد رحمه الله: ذكر الله الصبر في تسعين موضعاً من كتابه، وفي الحديث الصحيح: (الصبر ضياء) , رواه أحمد ومسلم.

وللبخاري ومسلم مرفوعاً: (ما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر).

قال: عمر رضي الله عنه: (وجدنا خير عيشنا بالصبر) رواه البخاري.

قال علي رضي الله عنه: (إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له].

قوله: (ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له) هذا واضح، وذلك أن الطاعة تحتاج إلى صبر، والمعصية تحتاج إلى صبر، والمصائب تحتاج إلى صبر، فإذا كان الإنسان ليس عنده صبر خرج من الدين لأول وهلة، فلا بد أن يصبر ويكون صبره لله، أي: يحتسب صبره أنه طاعة لله جل وعلا يثيبه عليه، ولا يكون صبره كصبر البهائم لا يقصد من ورائه شيئاً، بل يصبر طاعة لله جل وعلا ورجاءً لثوابه، لا لأجل الدنيا ولا لنيل مراد معجل بل لله جل وعلا، فيصبر على طاعة ويصبر عن معصية ويصبر على أمر مقدر أصيب به، ومع صبره على المقدر عليه أن يعلم أنه من عند الله جل وعلا أن الله قدر ذلك عليه وأنه لا بد أن يمضي, ثم يسلم ويحتسب ولا يتضجر ولا يشكو ربه لمخلوق؛ فإنه إذا شكا لمخلوق وقال: لقد أصبت بكذا وكذا فمعنى ذلك أنه يشكو من يرحمه إلى من لا يرحمه، يشكو من بيده أزمة الأمور كلها إلى ضعيف مسكين ليس عنده شيء، وهذا دليل على عدم الصبر ودليل على عدم الرضا، وإن كان عنده صبر فإنه ناقص وليس صبراً كاملاً, أما إذا خرج من ذلك إلى التسخط ووجدته يقول: أنا ما عملت عملاً أستحق به هذا الواقع الذي أنا فيه! فإن معنى ذلك أنه يرى أن ربه ظلمه وأن حكمه جائر، فيكون بذلك خارجاً من الدين الإسلامي نهائياً، نسأل الله العافية.

فيضحك عليه الشيطان ويخرجه من الدين الإسلامي بكلمات يسيرة، أو يزين له في قلبه سخط القضاء والتضجر منه وبغضه وكراهته، وإن كان يتكلم به بينه وبين نفسه ولم يكلم الناس بذلك.