للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرياء قد يكون شركاً أكبر

قال الشارح رحمه الله: [قوله: (الشرك الخفي) سماه خفياً؛ لأن صاحبه يظهر أن عمله لله، وقد قصد به غيره، أو شركه فيه بتزيين صلاته لأجله.

وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: (كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر)، رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص، وابن جرير في التهذيب، والطبراني والحاكم وصححه].

في الواقع أن شرك الرياء قد يكون أصغر وقد يكون أكبر، إذا كان الرياء مخالطاً لأصل العمل فهذا لا يكون أصغر بل أكبر، ولهذا وصف الله جل وعلا به الكفار، فقال جل وعلا في قريش لما جاءوا يقاتلون الرسول صلى الله عليه وسلم: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَراً وَرِئَاءَ النَّاسِ} [الأنفال:٤٧]، أي: خرجوا يراءون الناس، وكذلك وصف به المنافقين فقال جل وعلا: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ} [النساء:١٤٢]، وقال جل وعلا: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} [الماعون:٤ - ٦].

أي: يراءون الناس في أعمالهم، فهم يصلون ويعملون أعمالاً ويراءون فيها غير الصلاة، لهذا يقال له: ويل، ولا يقال ويل في الشرك الأصغر لكنه يقال في الشرك الأكبر، فإذا استرسل الإنسان مع الرياء ولم يدافعه فإنه يكون شركاً أكبر لا أصغر، ولكن إذا طرأ على الإنسان أو عرض له الرياء، ثم جاهد نفسه في ذلك وصده، فهذا من الشرك الأصغر، ومعنى ذلك: أنه إذا وجد في العمل أحبطه وأبطله.