للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر أفراد للشرك الأصغر]

قال الشارح رحمه الله: [قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء والتصنع للمخلوق والحلف بغير الله].

يسير الرياء شرك؛ لأنه يتزين للناس بالأعمال ليظهرها لهم، وكذلك في الأقوال، فيجب أن يكون عمل الإنسان كله لله جل وعلا، لا يقصد به غيره.

وإذا كان العمل له نفع يتعدى فهذا يحتاج إلى جهاد النفس كثيراً، ويجب أن يكون الجهاد مستمراً، ولا يكون في وقت دون وقت؛ لأن النية تتقلب كتقلب القلب، والإنسان بحاجة إلى أن يستمر في جهاده لنفسه، فإذا كان العمل يتعدى نفعه كالقراءة، أو الدعوة، أو النصح، أو التعلم، فإن الناس قد يثنون على الإنسان به، وقد يستدعي أن يجتهد في ذلك حتى يثنوا عليه، وذلك من حظوظ النفس التي يبطل بها عمل الإنسان نسأل الله العافية! وكذلك إذا عمل عملاً يتعدى نفعه إلى الغير، فإنه يحتاج إلى أن يكون مجاهداً لنفسه في جميع وقته، ومخلصاً لله جل وعلا، ولا يبالي بالذم، بل إذا قوبل بالذم فإنه يرتاح له أكثر من المدح؛ لأنه لا يريد ما عند الناس، بل يريد ما عند الله جل وعلا، والواجب على المؤمن أن يكون بهذه المنزلة؛ ولهذا كانت الأعمال في الخفاء أفضل منها في العلانية كالصدقة مثلاً، فإن فضيلة إخفائها عن الناس ليس من أجل أمر من الأمور، ولكن من أجل أن تكون خالصة لله فقط؛ ولهذا جاءت الأحاديث الكثيرة في فضل صدقه السر، لحديث: (صدقه السر تطفئ غضب الرب)، وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها)، ومن ذلك فضل صلاة التطوع في البيت على الصلاة في المسجد، فإن الإنسان في بيته يكون بعيداً عن رؤية الناس، فلا يكون لهم شيء من عمله، وكلما كان العمل خالصاً لله كان هو المطلوب شرعاً، والإنسان إذا كان في المسجد أو مع الجماعة كان ذلك أنشط له من ناحية أنه لا يود أن يكون غيره سابقاً له، وليس من ناحية أنه يريد أن يريهم أنه نشيط في العمل؛ فإنه إذا كان كذلك دخل في الرياء نسأل الله العافية، ومع ذلك تكون صلاته وحده أفضل، وكذلك غيرها من الأعمال إذا كانت خالصة، والأسباب التي يحصل بها الإخلاص مطلوبة.

[وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكذا.

وقد يكون هذا شركاً أكبر بحسب حال قائله ومقصده انتهى].