للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مسائل باب ما جاء في الرياء]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فيه مسائل: الأولى: تفسير آية الكهف].

آية الكهف هي قوله جل وعلا: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:١١٠]، وهي آخر آية في سورة الكهف، وقد سبق تفسيرها، وفيها الرد على طوائف المبتدعة وطوائف الغلاة والطوائف المشركة، وفيها رد على الصوفية الغلاة الذين يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم نور، وأنه ليس من جنس بني آدم.

يقول الله جل وعلا: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}، أي: مثلكم في البشرية يجوز عليه ما يجوز عليهم صلوات الله وسلامه عليه، وإنما فضل بقوله: {يُوحَى إِلَيَّ}، ففضله جل وعلا بالوحي الذي أوحاه إليه، ثم كأن غرض الوحي محصور في قوله: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}؛ لأن المقصد الأعظم من الوحي هو أن يكون التأله لله والعبادة له وحده جل وعلا.

[المسألة الثانية: الأمر العظيم في رد العمل الصالح إذا دخله شيء لغير الله].

هذا عظيم؛ لأنه في الواقع كثير ويخفى على كثير من الناس، فصار عظيماً لذلك، وإلا فليس عظيماً بالنسبة لله جل وعلا، فإنه طيب لا يقبل من العمل إلا ما كان طيباً خالصاً له، فإذا داخله شيء من الخبث -كأن: قصد به غيره- فإنه يرده ويبطله.

[الثالثة: ذكر السبب الموجب لذلك وهو كمال الغنى].

أي: كمال الرب جل وعلا، فهو أغنى الشركاء عن الشرك.

[الرابعة: أن من الأسباب أنه تعالى خير الشركاء].

الله خير الشركاء؛ لأنه غني تعالى وتقدس، وغناه يأبى الشركه، ومع أن الشرك أعظم الذنوب فهو أعظم الظلم؛ لأنه وضع للعمل في غير موضعه؛ لأن موضعه أن يكون لله، فإذا قصد به الإنسان مخلوقاً ضعيفاً لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً؛ فهذا أعظم الظلم، فرتب على ذلك أن يُترَكَ.

[الخامسة: خوف النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه من الرياء.

السادسة: أنه فسر ذلك بأن يصلي المرء لله، لكن يزينها لما يرى من نظر رجل إليه].

أي: أن يزيد في صفة العمل والأصل أنه لله، فيأتي في العمل وصفٌ طرأ عليه، ولكن هذا الوصف الطارئ يجعل العمل باطلاً؛ لأن الباعث لهذا الوصف هو المخلوق، وهذا واضح في أن الرياء إذا داخل العمل فإن العمل يصير مردوداً.