للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطاعة المطلقة لا يجوز أن تكون إلا لله]

ولما كان هذا الكتاب في باب التوحيد الذي يجب على العبد أن يكون عارفاً به وعاملاً به، ولا يجوز أن يجهل مسائل التوحيد أو يترك العمل بها؛ لأنه من أهم الأمور؛ نبه المصنف رحمه الله في هذا الباب على أن الطاعة المطلقة يجب أن تكون لله؛ لأنها هي العبادة، وقد فسر العلماء العبادة بأنها: الطاعة بإتباع الأمر واجتناب النهي.

فبين في هذا أن الطاعة لا يجوز أن تكون للمخلوق إلا إذا كانت تبعاً لطاعة الله جل وعلا، أما قول الله جل وعلا: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩]، فقد فسر العلماء (أولي الأمر): بأنهم العلماء، وبعضهم يقول: الأمراء، وبين ابن القيم رحمه الله أن الأمراء والعلماء كليهما مقصود في الآية، فالعلماء يبينون أمر الله ويوضحونه والأمراء ينفذون أمر الله، فالله أمر بطاعتهم: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩]، فأولو الأمر هم العلماء والأمراء.

وإنما يطاعون إذا كانت طاعتهم تبعاً لطاعة الله، وقد وردت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الحث على طاعة الأمراء وولاة الأمر منها قوله صلى الله عليه وسلم: (أطيعوا ذوي أمركم وإن تأمر عليكم عبد حبشي مقطع الأطراف يقودكم بكتاب الله فأطيعوه)، وإن جاء أن الأمراء من قريش، إلا أن هذا إذا لم يحصل ذلك.

وقال صلى الله عليه وسلم: (من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله).