للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة القول على الله بلا علم]

وليس بلازم أن يفتي إذا سئل، لا سيما إذا كان جاهلاً؛ لأن الذي يفتي كأنه يقول: حكم الله كذا وكذا، وقد يقول الله جل وعلا له: كذبت! ليس هذا حكمي، فما هو موقفه أمام الله جل وعلا إذا كان يقول على الله ما لا يعلم، وهذا أعظم من الشرك بالله نعوذ بالله من ذلك؛ لأن الله جل وعلا يقول: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٣٣].

فبدأ بالأسهل، ثم بما هو أعظم، ثم بما هو أكبر، وختم الأمر بالقول عليه بلا علم وجعله بعد الشرك، فدل على أن القول عليه بلا علم أعظم من الشرك نسأل الله العافية، فإن كان الشرك عظيماً فهذا أعظم؛ لأنه يتضمن الشرك وزيادة، نسأل الله العافية.

قال الشارح: [وللبخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت) هذا لفظ البخاري في حديث عائشة رضي الله عنها، ولفظه في حديث جابر: (افعلوا ما أمرتكم به، ولولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم)، في عدة أحاديث تؤيد قول ابن عباس].

قال هذا صلى الله عليه وسلم تطييباً لنفوسهم، ولئلا يحتج بالاقتداء به ويقال: إنك ما حللت إنك بقيت على حجك! فأخبر أن المانع له هو سوق الهدي، وأنه لو لم يسق الهدي لحل معهم، فدل هذا على أن الذي يسوق الهدي أي: يأتي به من الحل، أنه يلزمه أن يكون قارناً وأن يبقى محرماً حتى ينتهي من حجه، أما الذي ليس معه هدي فإنه يتعين عليه إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة أن يحل من إحرامه ويتمتع بالحل، والتمتع: هو الحل من الإحرام، وسمي تمتعاً؛ لأنه يترك الإحرام ويصبح حلالاً يتمتع بما أحله الله جل وعلا.