للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة التحاكم إلى الطاغوت]

وذكر الترجمة بالآية كعادته في كثير من أبواب الكتاب فقال: [باب قول الله جل وعلا: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء:٦٠]] إلى آخر الآيات، ومن المعروف في اللغة العربية أن كلمة: (زعم) و (يزعم) تأتي للأمر المشكوك الذي ليس متيقناً، فقوله: (يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا) معنى ذلك أنهم يقولون قولاً لم يتحقق بفعلهم ولا بقلوبهم، وإنما هو مجرد قول، ويمكن أن يكون كذباً؛ لأن القول إذا لم يكن صادراً عن القلب ولم يكن معمولاً به فإنه يكون كذباً، ولهذا جاء: (بئس مطية المرء زعموا)؛ لأن الزعم غالباً يطلق على الكذب، وهذا يشعر بأنهم لم يتحققوا الإيمان ولم يدخل الإيمان في قلوبهم.

فقوله تعالى: (يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ) يبين أن ادعاءهم الإيمان مجرد زعم والواقع أنهم لم يؤمنوا.

والسبب في كونه كذباً ظاهراً هو أنهم (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)، وقد جاء الأمر في جميع الشرائع بالكفر به، وكونهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت -والإرادة: هي القصد الجازم- يدل على أنهم ليسوا بمؤمنين.