للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إضافة النعمة إلى غير الله تعالى سبب لدخول الكفر مع الإيمان]

قال الشارح رحمه الله تعالى: [وكلام شيخ الإسلام يدل على أن حكم هذه الآية عام فيمن نسب النعم إلى غير الله الذي أنعم بها وأسند أسبابها إلى غيره، كما هو مذكور في كلام المفسرين المذكور بعضه هنا.

قال شيخنا رحمه الله: وفيه اجتماع الضدين في القلب، وتسمية هذا الكلام إنكاراً للنعمة].

قصده باجتماع الضدين الإيمان والكفر؛ لأنه قال: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا} [النحل:٨٣]، فيجتمع في القلب ضدان، المعرفة وضدها الإنكار، والإيمان وضده الكفر، فكونه أخبر أنهم يعرفون النعمة لا ينافي أنهم ينكرونها، وكونه أخبر أنهم يؤمنون لا ينافي أنهم يكفرون، كما قال جل وعلا: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٦]، وقد سبق أن معناها أنك إذا سألتهم: من خلق السموات والأرض؟ قالوا: الله.

فهو إيمان بالربوبية، وأما الشرك فكونهم يعبدون مع الله غيره.

وكذلك النعم يقرون بأن الله جل وعلا هو الخالق وهو المتصرف في كل شيء، وهو الذي ينزل المطر، ولكن يضيفون نزول المطر إلى الكوكب، وقد يضيفونه إلى ما هو سبب، لهذا جاء عن ابن عباس أنه قال: يشركون بكل شيء حتى بالكلب فيقولون: لولا كلبة فلان لأتى اللصوص، أو: لولا الكلب مع الغنم لعدا عليها الذئب أو لأكل منها الذئب.

فكل هذا يكون من جعل الند مع الله جل وعلا؛ لأن النعم يجب أن تضاف إلى الله جل وعلا؛ فهو مسديها، وهو الذي جعل هذه أسباباً وسخرها للعباد.

وقد أخبر جل وعلا أنه خلق لنا ما في السموات والأرض جميعاً منه، وسخر لنا ما في السموات وما في الأرض، وسخر لنا البحار والأنهار، وسخر لنا الشمس والقمر، وسخر لنا كل ما فيه نفعنا من ملائكة ومن مخلوقات وغيرها، فهي كلها بتسخير الله جل وعلا، وعلى ذلك لا يجوز أن تضاف إلى غيره جل وعلا، فهو المتصرف وهو المنعم، ثم تضاف إلى مخلوق مربوب مقهور ليس له من التصرف شيء.